وقد تحول آلن كار إلى ثري كبير ب “ضربة معلم”، وقد بيع من كتابه في غضون عشرين عاماً اربعة ملايين نسخة في كل بقاع الارض، هذا إلى جانب المال الذي يعود عليه من الندوات والتدريبات.
وهكذا تحول المحاسب البريطاني الذي كان يعمل موظفاً بسيطاً في إحدى الشركات في لندن إلى معالج مشعوذ يجمع أموالاً طائلة!
وتركز طريقة آلن كار على إزالة التكيف مع السيجارة، من خلال تخلصه من فكرة ان التدخين ضروري لمحاربة التوتر والتركيز في العمل والمحافظة على الرشاقة، وأنه يجعل الفرد لا يعاني من نقص النيكوتين.
إذاً، لا يحتاج تطبيق طريقة آلن كار إلى اللصقات ولا إلى الوخز بالأبر ولا حتى إلى استشارة الطبيب، فهي تساعد على “الفطام” عن السيجارة بيسر وسهولة، ومن دون بذل أي مجهود!
لكن نظرة سريعة على الإحصاءات في جميع المجتمعات وعلى الانترنت تجعلنا نلاحظ ان الاطباء يقولون الحق عندما يتحدثون عن إخفاقهم في جعل الناس يقلعون عن التدخين.
والمصيبة الواقعة في بعض المجتمعات ان بعض المشعوذين تبنوا طريقة آلان كار، وحصلوا على حقوق نشرها، فباتوا يعقدون جلسات وندوات مستقطبين بعض الضعاف، علماً ان الالتحاق بندوة من الندوات يكلف في فرنسا على سبيل المثال حوالي 270 يورو، علماً بأن ثمن كتاب آلان يبلغ ستة يورو!
ويحاول القيمون على الندوات عدم تلقي الاسئلة الملحة التي تبقى على رؤوس ألسنة المشاركين، مع ان “الجلسة الواحدة تستمر أربع ساعات متواصلة”.
ويتحدث المشعوذون عن وسائل آلان كار للتغلب على الاضطرابات الوظيفية التي يمكن ان يخلفها التوقف عن التدخين وعن كيفية مواجهتها، وعندما يطرح سؤال واضح عن هذه الاضطرابات تراهم يدورون حول السؤال مطلقين جملاً متشابهة مثل “لديك الحق في طرح مثل هذا السؤال، لكن علينا احترام توقيت المحاضرة، سوف أجيب عليك في ما بعد”!
ولا يعود المحاضر إلى المستمع ثانية ولا يتطرق إلى الموضوع الذي وعد بالتحدث عنه، لذا يدرك البعض ان وراء المحاضرة شيئاً ما، كذبة او رذيلة، ولا يغرقون ابداً تحت تأثير الهدهدة الصوتية التي تعمل كالتنويم المغناطيسي، وهي ظاهرة بوضوح في كتاب آلن كار من خلال اسلوبه المتكرر الذي يتميز بالجاذبية.
وعند هذا الحد، قد يغادر البعض الحلقة بعدما يدركون الحيلة، بينما يبقى البعض الآخر حتى النهاية، ويخرجون راضين عما كانوا يصغون اليه وهم مقتنعون تماما بأنهم تحرروا من إدمانهم على التدخين، ثم يهنئون بعضهم بعضاً لأن مبلغاً مثل 270 يورو لا يساوي شيئاً اذا ما قورن بعلاجهم من الإدمان!.
لكن الكثيرين من اولئك يعودون إلى التدخين بسرعة مع انهم يتبعون نصائح ألن كار بدقة، لكن عشرين كيلوجراماً فائضاً على الوزن أو ميل إلى الاكتئاب، يمكن ان يجعل السيجارة فرصتهم الوحيدة!.
تقرير: يرى المحللون ان إقبال الناس على العلاجات اللطيفة ذات النتائج السريعة يظهر بوضوح في المكتبات، وقد يكتفي الكثيرون بقراءة هذا الكتاب او ذاك، وقد يكون لقراءة الكتاب فائدة، على حد قول البعض، إن وصل إلى يدي قارئه في الوقت المناسب.
وقد تشكل قراءة هذه الكتب طريقاً نحو المستشفيات أو العيادات الخاصة التي تمارس تقنيات علاج السلوك، الامر الذي يزعج الكثير من الاطباء النفسانيين الذين يحرمون تدريجياً من زبائنهم.
وقد تحول هذا الإزعاج في فرنسا إلى ضجة كبرى حين نشر المعهد الوطني للصحة والبحوث العلمية تقريراً قارن بين فاعلية العلاج السلوكي الواعي وتأثير الطب النفسي في تطور مختلف الاضطرابات الذهنية.
وقد كان التقرير لصالح العلاج السلوكي على حساب الطب النفسي، مما حدا بالاطباء النفسانيين إلى الاعتراض متهمين الباحثين في المعهد بعدم الخبرة والدراية وبمحاولة طمس أفكار فرويد. ومن المحتمل ان يؤثر التقرير في وضعية الاطباء النفسانيين الذين يصل عددهم في فرنسا إلى مائتي طبيب. لكن الشيء المهم ليس في هذه المشكلة، فالطب النفسي يحتل في الدول الغربية مكانة عالية، كما انه يدرس في الجامعات على ايدي اساتذة متخصصين يحاولون الدفاع عن مهنتهم.
ترى، هل سيقضي العلاج الحديث المتعلق بالسلوك البشري على علم النفس؟ قد لا يصل الامر إلى هذا الحد اذا ظل هناك من يحارب ويدافع عن التحليل النفساني.
//-->